اتفاق 10 آذار.. لا بوادر تطبيق كامل تلوح في الأفق   

عنب بلدي 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

عنب بلدي – محمد كاخي

نقلت وكالة “رويترز”، في 18 من كانون الأول الحالي، أن مسؤولين سوريين وكردًا وأمريكيين يسابقون الوقت قبل حلول نهاية العام لإظهار تقدم، ولو محدود، في اتفاق 10 آذار.

وبحسب مصادر سورية وكردية وغربية تحدثت إلى “رويترز”، تسارعت المفاوضات خلال الأيام الماضية رغم تزايد الإحباط بسبب التأخير، كما أرسلت الحكومة السورية مقترحًا إلى “قسد” يوافق على ضم قواتها إلى الجيش السوري على شكل ألوية وفرق.

ونقلت قناة “العربية” السعودية، في 18 من كانون الأول، عن مصدر أمني في “قوات سوريا الديمقراطية” (قسد) أن القوات تسلمت مقترحًا خطيًا وصلها من الحكومة السورية، وذلك للمرة الأولى منذ أن وقعت “قسد” اتفاق 10 آذار مع الحكومة السورية.

الانضمام ككتلة واحدة

المصدر الأمني في “قسد” ذكر لقناة “العربية” أن مقترح دمشق المكتوب شمل موافقتها على ضم “قسد” للجيش السوري على شكل ألوية وفرق، وهي “ترجمة فعلية” لوعد قطعه الرئيس السوري في المرحلة الانتقالية، أحمد الشرع، لقائد “قسد”، مظلوم عبدي، عندما اجتمعا بدمشق في تشرين الأول الماضي، حين وافق الرئيس السوري حينها “شفهيًا” على ضم “قسد” إلى الجيش السوري على شكل كتلة واحدة.

وبحسب خمسة مصادر تحدثت إلى “رويترز”، يتضمن المقترح إبداء دمشق استعدادها للسماح لـ”قسد” بإعادة تنظيم نحو 50 ألف مقاتل ضمن ثلاث فرق رئيسة وألوية أصغر، بشرط تخليها عن بعض سلاسل القيادة وفتح مناطق سيطرتها أمام وحدات أخرى من الجيش السوري.

يرى المحلل السياسي محمد الحمادة، أن تنظيم 50 ألف مقاتل ضمن الجيش السوري هو حل وسط بين الطرفين، فالحكومة السورية كانت واضحة منذ البداية بأنه لا دولة ضمن الدولة، ولا تريد تكرار تجربة “حزب الله” اللبناني في سوريا، لذلك تصر دمشق على ألا يكون هناك أي جسم مستقل، أو كتلة مستقلة تهدد وحدة سوريا مستقبلًا أو في الوقت الحالي.

وباعتقاد حمادة، ستكون قوات “قسد” موزعة على كامل الجغرافيا السورية، ولن يقتصر وجودها على المنطقة الشرقية، وسيتوزع عناصر الحكومة السورية بالتوازي مع عناصر “قسد” في المنطقة الشرقية.

المحلل السياسي نادر الخليل، يرى أن عملية إعادة تنظيم هذا العدد من المقاتلين في فرق وألوية تحت راية الجيش السوري، ورفع العلم الرسمي، وفتح الطرق بين مناطق السيطرة، تعني تعزيز سيادة دمشق على المناطق الغنية بالموارد في شرقي وشمال شرقي سوريا، وستشكل هذه العملية خطوة نحو التفكيك التدريجي لبنية “قسد”، خصوصًا مع وجود توافق لأغلبية القوى الإقليمية والدولية على ضرورة أن تكون سوريا موحدة.

تفكيك القيادة قبل الجغرافيا

تشترط دمشق على “قسد” أن تتخلى عن بعض سلاسل القيادة لديها مقابل القبول بتنظيم انضمام مقاتلي “قسد” ضمن ألوية وفرق صغيرة، بالإضافة إلى فتح مناطق سيطرتها أمام وحدات أخرى من الجيش السوري.

كما سيناقش وفد “قسد” التفاوضي قريبًا في دمشق، رد الحكومة على قائمة الأسماء التي قدمتها “قسد” بشأن تعيين مقاتليها بمناصب قيادية في وزارتي الدفاع والداخلية، بحسب قناة “العربية”.

يرى الباحث والمحلل السياسي أيمن الدسوقي، أن الغرض من المقترحات المتبادلة بين الطرفين مسألة شراء للوقت، وإحراج كل طرف للآخر بتحميله مسؤولية فشل المفاوضات أمام الوسيط الأمريكي.

وتحاول الحكومة السورية، بحسب حديث الدسوقي إلى عنب بلدي، اختراق بنية “قسد” تدريجيًا عبر إضعاف سلاسل القيادة والتحكم، إلى جانب إضعاف سيطرتها الميدانية عبر السماح لوحدات من الجيش السوري بالانتشار في مناطقها، ولعل الأهم تثبيت مكانة الحكومة السورية كممثل للدولة وتأكيد حقها بالسيادة على كافة الجغرافيا السورية.

فيما يرى المحلل السياسي نادر الخليل، أن شرط تخلي “قسد” عن سلسلة القيادة يشكل نقطة التحول الجوهرية في الاتفاق، إذ سينهي استقلالها العسكري ويضعها تحت قيادة دمشق مباشرة، وهذا الشرط قابل للتنفيذ جزئيًا، بحسب الخليل، مع ضمانات للطرف الكردي، ومنه، لتجنب الانهيار الداخلي، ولكن قد تنفجر الخلافات “العرقية” داخل “قسد” إذا فُرض الأمر بسرعة، مما يجعل التدرّج في التنفيذ هو المفتاح.

وكان ممثل “الإدارة الذاتية” في دمشق، عبد الكريم عمر، قال لـ”رويترز”، إن المقترح، الذي لم يُعلن عنه رسميًا، يتضمن “تفاصيل لوجستية وإدارية قد تثير خلافات وتؤدي إلى تأخير”.

ولا يعتقد الباحث والمحلل السياسي أيمن الدسوقي، أن هذا المقترح بصيغته الراهنة سوف يحظى بقبول لدى “قسد”، لأنه يفقدها أوراق قوة على صعيد تماسكها الداخلي، وتحكمها الجغرافي، ولا يعني ذلك انهيار المفاوضات أو التصعيد الميداني الشامل، لأن لكل طرف أدواته للمناورة، كانخراط “قسد” في مفاوضات طويلة لإغراق الطرف الآخر بالتفاصيل التقنية، أو إعلان القبول والمناورة في التنفيذ بمساحات جغرافية محددة.

ماذا لو لم يتفق الطرفان؟

تبادلت دمشق و”قسد” الاتهامات حول عرقلة تنفيذ الاتفاق، إذ يصر كل طرف على شروطه، ويناور لكسب مزيد من الوقت، وفي تصريح لوكالة “رويترز”، قال أحد مسؤولي “قسد”، “نحن أقرب إلى اتفاق أكثر من أي وقت مضى”، إلا أن مسؤولًا غربيًا مطلعًا على المفاوضات قال للوكالة، إن أي إعلان قد يصدر خلال الأيام المقبلة سيكون هدفه جزئيًا “حفظ ماء الوجه”، وتمديد المهلة، والحفاظ على الاستقرار في بلد لا يزال هشًا بعد عام على سقوط النظام السابق.

وبحسب مصادر “رويترز”، فإن أي صيغة محتملة لن تصل إلى مستوى الدمج الكامل لـ”قسد” في الجيش ومؤسسات الدولة الأخرى بحلول نهاية العام، كما نص عليه اتفاق 10 آذار.

يرى الباحث والمحلل السياسي أيمن الدسوقي، أن الدمج بحلول نهاية العام لا يبدو أمرًا واقعيًا، ويتراوح السيناريو الأكثر ترجيحًا في حال فشل الدمج بين التصعيد الميداني المحدود، أو التنفيذ الجزئي للاتفاق على صعيد ملفات أو مناطق جغرافية محددة، مع الأخذ بعين الاعتبار مدى الانخراط الأمريكي الفعال كوسيط لكسر حالة الاستعصاء بين الطرفين.

فيما يرى المحلل السياسي نادر الخليل، أن ما سيحدث هو التأجيل، مع اتفاق أولي لإنقاذ المفاوضات تحت ضغط أمريكي، ويبقى احتمال تصعيد محدود في بعض المناطق مثل الرقة واردًا.

ويتوقع المحلل السياسي محمد الحمادة، أن هناك عدة سيناريوهات محتملة في حال فشل الاتفاق، الأول هو العمل العسكري سواء كان بشكل محدود أو شامل، والثاني أن “قسد” قد تلجأ إلى تسليم الحكومة بعض المناطق مثل دير الزور أو الرقة، مقابل تمديد مدة الاندماج، والثالث أن “قسد” قد تقبل بالاندماج الجزئي مبدئيًا على أن تتهيأ لمرحلة أخرى بالاندماج الكلي.

هل تفتح تركيا النار؟

لم يتوقف المسؤولون الأتراك خلال الأشهر الماضية عن تحذير “قسد” من مخاطر المماطلة وعدم تنفيذ الاتفاق، وهددوا مرارًا باستعمال القوة، وأحدث هذه التصريحات كانت لوزير الدفاع التركي، يشار غولر، في 20 من كانون الأول، حين قال، “لدينا خطط جاهزة لمواجهة أي تطورات ميدانية، و(قسد) تعرف تمامًا ما الذي سنفعله عند الحاجة”.

ونوّه غولر إلى أن تركيا لا تطلب إذنًا من أحد لتنفيذ عملياتها، وأنها نفذت في عام 2016 عمليات في سوريا بوجود الولايات المتحدة وروسيا دون استشارة أحد، وستفعل ذلك مجددًا إذا اقتضت الحاجة دون الرجوع لأي طرف.

يرى المحلل السياسي أنس شواخ، أن تركيا تطرح الخيار العسكري بشكل جدي للتعامل مع “قسد” وإنهاء وجودها وتهديدها للأمن القومي التركي على حدودها الجنوبية، إلا أن الولايات المتحدة تعمل كضامن لوقف إطلاق النار، وتضغط على “قسد” لتنفيذ بنود الاتفاق لتجنب المعركة.

من جهته، يرى الباحث في “المركز الكردي للدراسات” طارق حمو، أن احتمالية المواجهة “ضعيفة جدًا”، فالحكومة السورية لا تتحدث عن أي مواجهة، خصوصًا أنها تريد إغلاق كل الملفات، ولا تريد تكرار ما حصل في الساحل والسويداء، مع مراعاة أن معركة من هذا النوع ربما تمتد لسنوات طويلة، بسبب اتساع الرقعة الجغرافية، والقوة العسكرية للطرفين.

ويعتقد حمو أن تركيا لا مشكلة لديها بانضمام “قسد” كفرق عسكرية إلى الجيش السوري، “خصوصًا أننا شاهدنا التوافق الأخير بين تركيا وحزب (العمال الكردستاني)”، فالعقبات الرئيسة تم تذليلها، سواء كان في سوريا بين “قسد” والدولة، أو في تركيا عبر القرار الاستراتيجي في تخلي حزب “العمال” عن الكفاح المسلح مقابل إصلاحات دستورية وقانونية في تركيا، وهو ما سينعكس بشكل إيجابي أيضًا على سوريا.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق