سجلت أسعار الفروج في أسواق مدينة دمشق مؤخرًا انخفاضًا ملحوظًا، بعد أشهر من الارتفاع المتواصل الذي قلّص قدرة الكثيرين على تأمين هذه المادة، ما طرح تساؤلات حول الأسباب.
وبحسب جولة قامت بها عنب بلدي على أسواق ومحال بيع الفروج في العاصمة دمشق، لوحظ تراجع سعر كيلو الفروج بنسب متفاوتة مقارنة بالفترات السابقة، الأمر الذي انعكس بشكل مباشر على حركة الشراء.
وسجل كيلو الفروج في أسواق دمشق 20-22 ليرة سورية، وكيلو “شرحات الدجاج” 40-45 ألف ليرة سورية، وكيلو “الجوانح” 20-26 ألف ليرة سورية، وكيلو “فخاد الدبوس” و”الوردة” 25-30 ألف ليرة سورية، حسب تباين الأسعار في محال الفروج.
وفي الشهرين الماضيين، سجل كيلو الفروج في أسواق دمشق 25-30 ألف ليرة سورية، وكيلو “شرحات الدجاج” 47-50 ألف ليرة سورية، وكيلو “الجوانح” 22-28 ألف ليرة سورية، وكيلو “فخاد الدبوس” و”الوردة” 30-40 ألف ليرة سورية.
وفرة وانخفاض بالطلب
يعزو باعة الفروج هذا الانخفاض، بحسب ما قاله بعضهم لعنب بلدي، إلى عدة عوامل، من بينها تحسن توفر المادة، إلى جانب انخفاض الطلب في الفترة الماضية، وإلى وفرة الإنتاج خلال الصيف الماضي.
أمين سر جمعية حماية المستهلك والخبير الاقتصادي، عبد الرزاق حبزة، قال لعنب بلدي، إنه رغم صدور قرار وقف استيراد الفروج ما زال التهريب إلى سوريا مستمرًا، إضافة إلى تأثير قرارات سابقة سمحت باستيراد الفروج المجمد ثم التراجع عنها.
وأضاف حبزة أن ذلك فتح الباب أمام وفرة كميات كبيرة وبيعها على أنها طازجة، ما أربك السوق وأثر على التسعير، وهذا سبب انخفاض أسعار الفروج في الأسواق حاليًا.
وأصدرت اللجنة الوطنية للاستيراد والتصدير قرارًا يقضي بوقف السماح باستيراد بعض المنتجات الزراعية خلال كانون الثاني 2026.
وأوقف القرار، الصادر في 24 من كانون الأول الحالي، استيراد المنتجات الآتية: البطاطا، البندورة، الملفوف، القرنبيط، الجزر، الخس، الليمون، الحمضيات، الفريز، البيض، زيت زيتون، الفروج حي، الفروج الطازج والمجمد وأجزاؤه.
وبررت اللجنة قرارها بأنه جاء بناء على الرزنامة الزراعية المعدّة، وانطلاقًا من متابعة واقع الأسواق المحلية، وحماية المنتج الوطني.
وكانت اللجنة أصدرت قرارًا مشابهًا في 2 من كانون الأول الحالي، يقضي بوقف السماح باستيراد عدد من المنتجات الزراعية خلال كانون الأول الحالي.
زيادة الإنتاج قابله تراجع الطلب
بدوره، الأستاذ الجامعي في جامعة “حماة” والخبير الاقتصادي، عبد الرحمن محمد، أرجح أسباب انخفاض أسعار الفروج لعدة عوامل، تمثلت في:
- زيادة الإنتاج: شهدت الفترة الأخيرة عودة العديد من المربين إلى الإنتاج بعد تحسن الظروف، مما أدى إلى زيادة كبيرة في المعروض من الفروج في السوق، وبالتالي هذا الارتفاع في الإنتاج أسهم في الضغط على الأسعار.
- تراجع الطلب: على الرغم من زيادة الإنتاج، فإن الطلب على الفروج المحلي لا يزال ضعيفًا، مما أدى إلى انخفاض الأسعار بشكل ملحوظ، فالقدرة الشرائية للأهالي تأثرت سلبًا، بسبب الأوضاع الاقتصادية الصعبة، مما جعلهم أقل قدرة على شراء الفروج.
- المنافسة مع المنتجات المستوردة: دخول كميات من الفروج المجمد المستورد إلى السوق المحلية، والذي غالبًا ما يكون أرخص من المنتج المحلي، ساهم أيضًا في انخفاض الأسعار، وبدوره أدى إلى تفضيل المستهلكين للمنتجات المستوردة على حساب الفروج المحلي.
- الممارسات التجارية: هناك أيضا عوامل تتعلق بالممارسات التجارية، مثل المضاربات بين التجار، والتي أدت إلى تقلبات في الأسعار.
بناء على هذه العوامل، يمكن القول إن انخفاض أسعار الفروج يعكس التحديات التي يواجهها القطاع، بما في ذلك ضعف الطلب وزيادة العرض والمنافسة من المنتجات المستوردة، بحسب توصيف الدكتور عبد الرحمن محمد لعنب بلدي.
خسائر للمربين
ويرى الأستاذ الجامعي في جامعة “حماة” والخبير الاقتصادي، عبد الرحمن محمد، أن انخفاض أسعار الفروج سينعكس على المربين والمستهلكين.
آثار انخفاض الأسعار على المربين:
- خسائر مالية: انخفاض أسعار الفروج يؤدي إلى تراجع أرباح المربين، خاصة إذا كانت تكاليف الإنتاج مرتفعة، مما قد يدفع البعض إلى الخروج من السوق.
- تحديات الاستمرارية: قد يواجه المربون صعوبة في تغطية تكاليف الإنتاج مثل الأعلاف، والأدوية البيطرية، والطاقة، مما يهدد استمرارية عملهم.
- انخفاض الحافز للإنتاج: مع تراجع الأسعار، قد يفقد المربون الحافز للاستثمار في زيادة الإنتاج، أو تحسين جودة منتجاتهم.
آثار انخفاض الأسعار على المستهلكين:
- تحسن القدرة الشرائية: انخفاض أسعار الفروج يتيح للمستهلكين شراء كميات أكبر من المنتج، مما يساهم في تحسين مستوى معيشتهم.
- زيادة الطلب: مع انخفاض الأسعار، قد يزداد الطلب على الفروج، مما يعزز استهلاكه كبديل للبروتينات الأخرى التي قد تكون أغلى.
- جودة المنتجات: قد يؤدي انخفاض الأسعار إلى تراجع جودة المنتجات إذا حاول المربون تقليل التكاليف على حساب الجودة.
اقتراحات للنهوض بقطاع الدواجن
اقترح الدكتور عبد الرحمن محمد جملة من الخطوات التي تساعد على النهوض بقطاع الدواجن، وتوفير الكميات بأسعار ترضي المربي والمستهلك، وذلك عبر دعم المربين، من خلال تقديم دعم حكومي مباشر للمربين، من خلال توفير الأعلاف والأدوية البيطرية بأسعار مدعومة، وتقديم قروض ميسرة للمربين، لتشجيعهم على زيادة الإنتاج وتحسين جودة منتجاتهم.
كذلك إنشاء صناديق تعويضية لدعم المربين في حال تعرضهم لخسائر بسبب تقلبات الأسعار أو الكوارث الطبيعية.
وفيما يتعلق بتحسين البنية التحتية، فذكر أنه يجب تطوير مراكز متخصصة لتربية الدواجن، وتوفير تقنيات حديثة لتحسين الإنتاجية، بالتوازي مع تحسين شبكات النقل والتخزين، لتقليل الفاقد وضمان وصول المنتجات إلى الأسواق بجودة عالية.
وتطرق في مقترحاته إلى عوامل تساعد في تنظيم السوق، عبر مكافحة الاحتكار وضمان وجود منافسة عادلة بين التجار والموزعين، وإنشاء أسواق مركزية لتنظيم عمليات البيع والشراء وضمان استقرار الأسعار.
وأشار إلى أهمية وجود التخطيط الزراعي في الاهتمام بقطاع الدواجن، من خلال وضع خطط زراعية متكاملة تأخذ بعين الاعتبار الرزنامة الزراعية واحتياجات السوق، وتشجيع التنوع في الإنتاج الزراعي والحيواني لتقليل الاعتماد على منتج واحد.
وشدد في ختام حديثه على أهمية التعاون مع القطاع الخاص، وذلك عبر تشجيع الاستثمارات في قطاع تربية الدواجن، من خلال تقديم حوافز ضريبية وتسهيلات إدارية، وذلك يتطلب تعزيز الشراكة بين القطاعين العام والخاص لتطوير القطاع وتحقيق الاستدامة.
ومن خلال الخطوات السابقة، بحسب محمد، يمكن تحقيق توازن بين مصالح المربين والمستهلكين، وتعزيز استدامة القطاع الزراعي والحيواني كركيزة أساسية للتنمية الاقتصادية والاجتماعية.









0 تعليق