أكدت وزارة العدل السورية أن حرية الرأي والتعبير حق دستوري مصون في سوريا، يُمارس ضمن الأطر القانونية المحددة، وبما يحقق المصلحة العامة ويحفظ السلم الأهلي والنظام العام، وذلك في وقت تتجه الأمور إلى الاستقرار في الساحل بعد حظر تجوال أعقب احتجاجات تبعتها أعمال شغب.
وقالت الوزارة، في بيان نشرته، في 30 من كانون الأول، إن التشريعات النافذة نظمت ممارسة هذا الحق عبر ضوابط وإجراءات قانونية ملزمة تهدف إلى حماية سلامة المواطنين، وصون الممتلكات العامة والخاصة، ومنع أي أفعال من شأنها الإخلال بالأمن أو تعطيل مرافق الحياة العامة، مشيرة إلى أن أي تجاوز لهذه الضوابط يُعد “خرقًا صريحًا” لأحكام القانون.
وشددت الوزارة على أن الحفاظ على وحدة الدولة وسيادتها مبدأ دستوري ثابت لا يقبل المساس أو التجاوز، لافتة إلى أن أي دعوات أو ممارسات تمس هذا المبدأ أو تخرج عن الأطر القانونية المعتمدة تُعد “جرائم خطيرة”، تمس أمن الدولة، وتُواجه بالإجراءات القانونية الصارمة التي حدّدها التشريع السوري، بما يضمن حماية المصلحة الوطنية العليا.
بيان وزارة العدل جاء عقب مظاهرات شهدتها مدن وأرياف محافظتي اللاذقية وطرطوس ومناطق في حمص وريف حماة الغربي وسهل الغاب، في 28 من كانون الأول، في ساحات ونقاط تجمع رئيسة، وسط تشديد أمني وانتشار مكثف للقوات الحكومية.
المظاهرات رفعت شعارات تطالب بـ”وقف القتل” و”الفيدرالية” و”العدالة”، ونددت بالتفجير الذي حصل في مسجد “علي بن أبي طالب” بحمص، الجمعة، بالإضافة إلى مطالب بإطلاق سراح الموقوفين الذين جرى اعتقالهم بعد سقوط النظام السابق.
وأدت إلى مقتل ثلاثة أشخاص بينهم عنصر أمن، وإصابة 60 آخرين، بالإضافة إلى تكسير عدد من السيارات والمحال، نتيجة الاشتباك بين المتظاهرين وبين أشخاص موالين للحكومة.
الدولة تميّز بشكل واضح وحاسم بين التعبير السلمي المشروع عن الرأي، وبين الأفعال التي تنطوي على تحريض أو إساءة أو تهديد للسلم الأهلي، بما في ذلك الخطاب الطائفي أو المذهبي، أو أي شكل من أشكال الكراهية والانقسام بين أبناء المجتمع الواحد، أضافت الوزارة في بيانها.
وذكرت أن هذه الأفعال محظورة ومجرّمة قانونًا، وتستوجب المساءلة والملاحقة لما تشكله من خطر مباشر على وحدة المجتمع واستقراره.
تطبيق القانون يتم على الجميع دون استثناء أو تمييز، وبغض النظر عن الصفة أو الانتماء أو الدوافع، بحسب الوزارة، مشددة على أن إنفاذ القانون واجب لا تهاون فيه، وأن مؤسسات الدولة لن تتساهل مع أي خروج على القانون أو ارتكاب أفعال مجرّمة.
ودعت الوزارة المواطنين إلى الالتزام الكامل بأحكام القانون عند ممارسة حقوقهم المشروعة وتحمل مسؤولياتهم الوطنية، مؤكدة أن الجهات المختصة ستتخذ جميع الإجراءات القانونية اللازمة بحق المخالفين، وستطبق أحكام القانون بكل حزم ومسؤولية، بما يصون النظام العام ويحفظ السلم الأهلي ويضمن وحدة المجتمع وأمن الدولة.
حظر تجوال
وكانت قيادة الأمن الداخلي في محافظة اللاذقية أعلنت فرض حظر تجوال في مدينة اللاذقية، اعتبارًا من الساعة الخامسة مساء الثلاثاء 30 من كانون الأول، وحتى الساعة السادسة صباح اليوم الأربعاء 31 من كانون الأول 2025.
مراسل عنب بلدي في اللاذقية، أفاد أن الوضع الأمني اليوم استقر عقب انتهاء فترة الحظر، ولم تسجل أي حوادث أمنية اليوم والأمس الثلاثاء.
وقالت قيادة الأمن الداخلي إن قرار حظر التجوال لا يشمل الحالات الطارئة، ولا الكوادر الطبية، ولا فرق الإسعاف والإطفاء، مؤكدة استمرار تقديم الخدمات الأساسية خلال فترة الحظر.
ودعت القيادة أهالي المدينة إلى الالتزام التام بمضمون القرار، والتعاون مع الوحدات المختصة المكلفة بتنفيذه، محذّرة من اتخاذ الإجراءات القانونية بحق المخالفين.
ويأتي قرار حظر التجوال بعد أعمال شغب شهدتها المحافظة عقب تشييع عنصر الأمن الذي قُتل أثناء تأمين الاحتجاجات في محافظة اللاذقية.
أحداث استدعت تدخل الجيش
وكانت مجموعات من الجيش السوري مدعومة بآليات مصفحة ومدرعات دخلت مراكز مدينتي اللاذقية وطرطوس بعد تصاعد عمليات الاستهداف من قبل مجموعات وصفتها وزارة الدفاع بـ”الخارجة عن القانون” باتجاه الأهالي وقوى الأمن.
وجاء ذلك بعد مقتل ثلاثة أشخاص بينهم عنصر أمن، وإصابة 60 آخرين، بالإضافة إلى تكسير عدد من سيارات قيادة الأمن الداخلي وسيارتي إسعاف، نتيجة “الاعتداءات” وأعمال الشغب إثر المظاهرات التي شهدها الساحل السوري، بحسب ما قاله مدير العلاقات العامة في محافظة اللاذقية، نور الدين بريمو، لعنب بلدي حينها.
وأضاف بريمو أن مجموعة من “فلول النظام البائد” بين المتظاهرين أقدمت على الاعتداء على الممتلكات العامة ومن ثم إطلاق النار على عناصر الأمن والمدنيين، مشيرًا أن غالبية المصابين من المدنيين بالإضاقة إلى عناصر أمن، وتوزعت الإصابات على مستشفيات اللاذقية وجبلة.
ما طبيعة الاحتجاجات؟
الاحتجاجات تحت اسم “طوفان الكرامة”، جاءت استجابة لدعوة أطلقها الشيخ غزال غزال، رئيس ما يعرف بـ“المجلس الإسلامي العلوي الأعلى في سوريا والمهجر”، في 27 من كانون الأول.
مراسل عنب بلدي في اللاذقية، ذكر حينها أن منطقة الزراعة في اللاذقية، شهدت مظاهرتين وسط تشديد أمني وانتشار مكثف للقوات الحكومية، إحداها مؤيدة للحكومة، وأخرى رفعت شعارات تطالب بـ”وقف القتل” و”الفيدرالية” و”العدالة”، ونددت بالتفجير الذي حصل في مسجد “علي بن أبي طالب” بحمص، الجمعة، بالإضافة إلى مطالب بإطلاق سراح الموقوفين الذين جرى اعتقالهم بعد سقوط النظام السابق
وأضاف أن المجموعات المؤيدة للحكومة حاولت التغلغل بين الأحياء في المدينة، إلا أن عناصر الأمن منعتهم من ذلك، لافتًا إلى أنه تم تبادل “ملاسنات” لفظية بين المتظاهرين.
فيما شهد دوار “الأزهري” اشتباكات بين المتظاهرين، بدأت برمي الحجارة، ومن ثم إطلاق رصاص من الأبنية، بحسب المراسل، ما أدى إلى اشتباكات بين عناصر قوى الأمن الموجودة ومسلحين استغلوا التجمعات.
وبحسب ما رصده المراسل حينها، فقد استخدم المتظاهرون المؤيدون للحكومة أسلحة بيضاء، وعملوا على كسر واجهات المحال التجارية والسيارات في منطقة الرمل الشمالي.








0 تعليق