شتاء قاسٍ على مهجري السويداء في درعا

عنب بلدي 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

درعا – محجوب الحشيش

مع حلول فصل الشتاء، يفتقر مهجرو السويداء في محافظة درعا جنوبي سوريا لوسائل التدفئة الأساسية، مثل المدافئ والحطب والمازوت والأغطية أو حتى الملابس.

وبعد إخراجهم من المدارس التي لجؤوا إليها، يعيش المهجرون حاليًا في خيام متناثرة قرب مراكز حكومية في محافظة درعا، أو قرب المشاريع الزراعية، ويعتمدون على أعمال المياومة الزراعية التي تشهد ركودًا بعد انتهاء المواسم الصيفية.

بدائل لا تقي البرد

تجمع جميلة الخيري، وهي مهجرة من السويداء، بقايا جذور الباذنجان وأكياس النايلون لتشغيل مدفأة قديمة اشترتها من سوق المستعمل، لتأمين التدفئة لعائلتها ليلًا.

الهدف، بحسب جميلة، هو كسر حدة البرد في ساعات المساء، وبعدها يلجأ الجميع إلى فراشهم لتوفير استهلاك ما تبقى من الجذور.

تعيش جميلة مع أسرتها حاليًا في خيمة صغيرة على أطراف بلدة المزيريب بريف درعا الغربي، ومن المشكلات التي تواجها أيضًا، تراكم الوحل حول الخيمة بعد هطول المطر، مما يصعّب الخروج منها والوصول إلى الشارع الرئيس.

أما هارون العسكر، وهو من مهجري السويداء، فلم يركّب مدفأة في خيمته خوفًا من احتراقها، وتعيش ثلاث عائلات في خيمة هارون، التي كلفت حوالي ثمانية ملايين ليرة سورية، أي ما يعادل نحو 690 دولارًا، وهي عبارة عن شادر مغطى بالنايلون لمنع تسرب المطر.

قال هارون، إن مواد الخيمة سريعة الاشتعال، لذا ابتعد عن تركيب المدفأة، مضيفًا أنه في حال ركبها، لا يملك ثمن الحطب أو المازوت لتشغيلها.

ويبلغ سعر ليتر المازوت في محافظة درعا 9500 ليرة سورية (حوالي 0.8 دولار أمريكي)، بينما وصل سعر كيلو الحطب إلى 4000 ليرة سورية (حوالي 0.35 دولار أمريكي).

في حين لا تملك عمشة الخيري، وهي أيضًا من مهجري السويداء، ثمن المدفأة والحطب، لذلك تعتمد على طريقة بدائية في تجمير بعض الجذور داخل “طشت” (وعاء) وإدخاله الخيمة، لكن هذه الطريقة لا توفر التدفئة وتزيد من الأدخنة داخل الخيمة.

ولا تستطيع عمشة شراء لوازم التدفئة، لأن زوجها مريض ويحتاج شهريًا إلى 400 ألف ليرة سورية (تعادل 34.4 دولار) ثمنًا للأدوية، بحسب ما ذكرته لعنب بلدي.

المنظمات لا تلبي الحاجة

قال هارون عسكر، إن المنظمات لا تلبي احتياجات النازحين الأساسية للتدفئة، إذ لم تُوزّع عليهم محروقات أو حطب أو مدافئ، واقتصر التوزيع على حصص غذائية وخمس بطانيات فقط لكل عائلة، ووصل مالي بقيمة 150 دولارًا، وزع لمرة واحدة خلال فصل الصيف الماضي.

واضطر هارون نتيجة لذلك لشراء خمس فرشات بسعر 250 ألف ليرة للفرشة الواحدة، وخمسة أغطية (لحافات) بنفس السعر.

وطالب هارون بدعم المهجرين بوسائل التدفئة بالطريقة التي تراها الحكومة أو المنظمات مناسبة.

ولم يكن هارون يسكن في خيمة خلال السنوات الماضية، بل كان يقيم في منزل بالسويداء حيث يعمل، بعد أن هُجّر من ريف حلب عام 2013، ولجأ إلى السويداء حتى اندلاع الاشتباكات الأخيرة فيها.

من جانبها، ذكرت عمشة أنها لم تتسلم أي مساعدات مالية، رغم تسلم معظم مهجري السويداء مبالغ نقدية، وطالبت بتوزيع ملابس شتوية ومستلزمات تدفئة، أو تزويدهم بمبالغ مالية كتعويض للتدفئة لشراء المستلزمات اللازمة.

فرص العمل نادرة

عمل هارون، قبل تهجيره، في السويداء لدى مستثمر يمتلك مزارع تفاح وكرز ووحدات تبريد، وكان يسكن في منزل قريب من وحدات التبريد.

ومع اندلاع الاشتباكات، في تموز الماضي، بين فصائل من السويداء وعشائر البدو، أُخرجوا من مناطق الاشتباك إلى ريف درعا الشرقي بواسطة “الهلال الأحمر السوري”.

وفي درعا، لا تعمل أسرة هارون معظم الأيام، بل تشارك على فترات متقطعة في أعمال المياومة الزراعية.

وقال هارون، إن كثرة المهجرين خلقت فائضًا في سوق العمل، مصحوبًا بتراجع في المشاريع الزراعية في درعا، نتيجة انخفاض منسوب مياه الري، خاصة في ريف درعا الغربي.

ولا يفكر هارون بالعودة إلى السويداء إلا بعد سيطرة الحكومة على المحافظة واستقرار الأوضاع الأمنية، خوفًا من تكرار سيناريو تموز الماضي.

بدأت الأحداث الدامية في السويداء بعمليات اختطاف متبادلة بين فصائل محلية موالية للرئيس الروحي للطائفة الدرزية، حكمت الهجري، وعشائر من البدو.

وفي 14 من تموز الماضي، تدخلت قوات من وزارتي الداخلية والدفاع لفض النزاع الدائر، إلا أنها قوبلت بمواجهة من الفصائل بعد ورود أنباء عن انتهاكات من قبل القوات الحكومية.

وتدخلت إسرائيل على خط الصراع، ما أدى إلى انسحاب القوات الحكومية وتسليم الملف الأمني للفصائل المحلية، التي ارتكبت أيضًا انتهاكات بحق عوائل من البدو.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق