بين مؤيد ومعارض.. الدوري السوري يعود لاستقطاب محترفين أجانب

عنب بلدي 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

عنب بلدي – أحمد نحلوس

شهد سوق الانتقالات الصيفية لأندية الدوري السوري الممتاز لكرة القدم 2025-2026، عودة لاستقطاب اللاعبين المحترفين الأجانب، ضمن الاستعدادات العامة لخوض مسار الموسم المقبل، وتحدياته المختلفة.

الجمعية العمومية لاتحاد كرة القدم سمحت، في 15 من أيلول الماضي، للأندية بالتعاقد مع ثلاثة لاعبين أجانب لكل منها، بشرط ألا يكون من بينهم حارس مرمى، ليعود المحترف الأجنبي للدوري المحلي بعد غياب موسم واحد.

أبرز الأجانب في 2025-2026

أهلي حلب حامل لقب بطولة الدوري، ضم إلى صفوفه كلًا من المهاجم الكاميروني الدولي إيمانويل ماهوب، هداف دوري بلاده في مناسبتين، واللاعب السابق لناديي الأنصار السعودي والحد البحريني، إضافة إلى لاعب الوسط الغيني تراوري ألكالي، الناشط سابقًا في التضامن الكويتي، وقفصة التونسي.

وتعاقد نادي حطين مع لاعبين من غانا هما متوسط الميدان حمزة فوسيني، والمهاجم ايبنزير مينوركبور، إضافة إلى المدافع البوروندي ايريك نديزي.

واستقطب جاره تشرين لاعب الوسط الغاني ديفيد ماوتر، بعد تجارب عدة في دوريات بولندا وطاجكستان وكازاخستان، والمدافع السنغالي عثمان فاي، الذي لعب لسبعة مواسم في الدوري الأرميني.

الفتوة أيضًا اختار غانا ليضم منها المدافع مالك انتيري، قادمًا من محطات احترافية في تونس والعراق آخرها مع القاسم العراقي، وتعاقد مع لاعب الوسط السنغالي مامادو سكيك، المحترف سابقًا في الجزائر، ومواطنه مدافع الفيصلي الأردني السابق مصطفى سال.

حمص الفداء أحد أبرز المرشحين للمنافسة على اللقب، ضم إلى صفوفه كلًا من المدافع الكاميروني فرانك آتساما، ولاعب الوسط البرازيلي فابيو غاما.

الكرامة وقع مع صانع الألعاب العاجي فرانك تيسي، الذي مثّل منتخب بلاده الأولمبي في مناسبات عدة، فيما تستمر تجربة الجناح الغاني غابرييل أكواسي مينساه مع الفريق والتي بدأت مع تصفيات كأس التحدي الآسيوي في آب الماضي.

نادي الجيش استعان بخدمات المدافع الإيفواري أوريليان موهي، صاحب التجارب مع أندية عدة أبرزها الخريطيات القطري والحدود العراقي واتحاد طنجة المغربي، وضم أيضًا لاعب الوسط المصري محمد فوزي، الذي تنقل بين أكثر من نادٍ في بلاده أبرزها طلائع الجيش، وغزل المحلة، والترسانة، والإنتاج الحربي.

خان شيخون الوافد الجديد للدوري السوري الممتاز، دخل سوق اللاعبين الوافدين، وتعاقد مع لاعب خط الوسط المصري السيد الغديري، ابن نادي الزمالك، قادمًا من نادي رويال الإماراتي.

تاريخ الأجانب في الدوري السوري

باب المحترفين الأجانب فتح للمرة الأولى في موسم 2001-2002، وكان الزامبي بيتر مونتالي أول الوافدين للدوري السوري من بوابة فريق الوحدة الدمشقي، وتبعه الرومانيان بوربيلي تشوبا وديدا سورين في حطين.

اللاعبون العراقيون كانوا العنوان الأبرز ضمن الدور في الفترة ما بعد 2003، ومنهم من كان نجمًا في منتخب بلاده كثنائي أهلي حلب حيدر عبد الجبار وهشام فياض، ومن تألق في الملاعب السورية كمحمود مجيد، مهاجم تشرين ووصيف هدافي موسم 2003-2004، حين سجل 14 هدفًا.

الموسم التالي شهد تألقًا لافتًا لمحترف أهلي حلب، المهاجم السنغالي ماديو كوناتي، أسهم من خلاله في تتويج القلعة الحمراء بلقبي الدوري والكأس، ونيل وصافة هدافي الدوري عبر تسجيله 13 هدفًا.

وترك اللاعب المحترف بصمته بقوة في موسم 2005-2006، مع تتويج مهاجم حطين، العراقي جمعة عباس، بلقب هداف الدوري، إثر تسجيله 18 هدفًا في شباك الخصوم، ليعود لحطين في الموسم التالي إيابًا، لكن من دون بصمة تُذكر.

موسم 2006-2007 شهد وجود واحد من أشهر محترفي الكرة السورية، والحديث هنا عن المدافع البرازيلي فابيو، مع الكرامة، ومساهمته الكبيرة في وصوله إلى نهائي أبطال آسيا 2006 ونيل الوصافة، ثم التألق في دور المجموعات الآسيوي في 2007.

سوية المحترفين بدأت بالارتفاع في الموسم التالي مع حضور لافت للفنزويلي المهاري غوميز، ثالث هدافي الدوري مع أهلي حلب، والجناح النيجيري إيمانويل، مع حطين، وهداف العين الإماراتي الوافد للكرامة، السنغالي سانغو.

برازيلي حمص الفداء متوسط الميدان، جاجا، والمهاجم النيجيري لتشرين إيبودي إيفيه، كانا أبرز النجوم الأجانب في موسم 2008-2009، إضافة إلى استمرار الحضور الجيد لكل من إيمانويل وغوميز.

وتألق الزامبي فيلمون شيبتا، مهاجم الجيش، وسجل عشرة أهداف أسهمت بتتويج فريقه بدوري 2009-2010، في موسم شهد نجاحًا للأردني حسن عبد الفتاح، مع الكرامة، والإيفواري سي الشيخ، مع الوحدة، ومساهمة إيفيه في نيل تشرين للمرتبة الثالثة على سلم الترتيب، للمرة الأولى منذ 2003-2004.

ختام حضور المحترفين الأجانب في سنوات ما قبل الثورة، كان في الموسم غير المكتمل 2010-2011، مع تصدر قائمة الهدافين عبر سينغالي الكرامة ماكيتي ديوب، وعراقي الوحدة علي صلاح، وسط حضور طيب للوافد اللبناني من الأهلي المصري لتشرين، محمد غدار، ومهاجم منتخب الأردن ونادي الجيش، أحمد هايل.

عودة باهتة

غاب المحترفون الأجانب عن الدوري السوري في الفترة ما بين 2011 و2022، حين سمح اتحاد كرة القدم بقيادة صلاح رمضان بعودة المحترفين.

وعاد الأجانب للدوري السوري بعد القرار، لكن مع بصمة باهتة، فأكثرهم تهديفًا لم يسجل سوى أربعة أهداف، والحديث هنا عن محترفي الأهلي النيجيري أوكيكي أفولابي، والسنغالي بابا سالا، في وقت تصدّر فيه السوري محمود البحر لائحة الهدافين بـ14 هدفًا.

وسرعان ما توجهت القيادة الرياضية في سوريا بعد ذلك الموسم لمنع الأندية من التعاقد مع لاعبين أجانب في الدوري الكروي، باستثناء من سيشارك منها خارجيًا، على خلفية إخلال أندية بالتزاماتها المادية مع المحترفين، وتعرضها إثر ذلك لعقوبات من الاتحاد الدولي لكرة القدم، استنزفت خزينة الاتحاد الرياضي.

الفتوة كان تعرض لعقوبة من “فيفا”، بسبب تأخره في دفع مستحقات لاعبه التريندادي ماركوس جوزيف، قبل أن تغلق القضية إثر تدخل الاتحاد الرياضي العام حينها، ودفع نصف قيمة العقوبة المتمثلة بكامل مستحقات اللاعب و5% إضافية بسبب التأخير.

وتأخر نادي الطليعة عن بداية موسم 2024-2025، بسبب وجود منع من تسجيل لاعبيه فرضه “فيفا”، على خلفية شكوى تأخر مستحقات، رفعها مهاجمه التنزاني عبدول الهاولي، قبل حل المشكلة بمساعدة الاتحاد الرياضي.

ودفع الاتحاد الرياضي العام 500 مليون ليرة سورية من أجل حل قضية نادي الوحدة مع المدرب الصربي دوبراسينوفيتش، على خلفية شكوى شرط جزائي لـ”فيفا”، وذلك في 24 من تشرين الأول 2024.

رأي فني

يعتبر كابتن منتخب سوريا الأسبق زياد شعبو، في تصريح لعنب بلدي، أن “فكرة عودة اللاعبين الأجانب للدوري السوري جيدة، لكن ينقصها حسن اختيار اللاعبين”، فبرأيه “المحترفون الحاليون أقل مستوى من اللاعبين المحليين، لأن معظمهم يأتي إلى سوريا لأغراض تسويقية”.

المدرب الوطني طارق جبان، يرى، في حديث إلى عنب بلدي، أفضلية للاعب المحلي على الأجنبي، إلا بحال تفوق المحترف فنيًا على اللاعب السوري، وهو ما لا يحصل حاليًا برأيه، “إلا في حالات قليلة، نظرًا إلى توجه عدة أندية نحو المحترف الأرخص سعرًا من نظيره المحلي، بغض النظر عن تفوقه عليه فنيًا.

رأي أكاديمي

الباحث الأكاديمي غيفار الخطيب، يعتقد أنه “ما من داعٍ لوجود اللاعب الأجنبي في الدوري السوري، وما يشكله من استنزاف لخزائن الأندية، في ظل التراجع المادي الذي تعيشه، وصعوبة الوضع العام واحتمال غياب الجماهير عن الملاعب”.

ويفضّل الخطيب في هذه الحالة “أن تنال المواهب الشابة السورية الفرصة المتاحة للاعب الوافد، ليتحول بذلك الدوري إلى مساحة لاستكشاف الطاقات، وفرصة لتقديم دماء جديدة للمنتخبات، وعامل مساعد للأندية، يمكّنها من استثمار هؤلاء الشبان لاحقًا عبر بيعهم وتسويقهم”.

وقال الخطيب، إن سجلات اللاعبين الوافدين تشهد على عدم استقرارهم في نادٍ واحد لفترة طويلة، وتنقلهم بين الأندية ما بين الموسم والآخر، وهذا دليل على أن مستواهم سيكون دون الوسط، فالفرق لا تمنح الاستدامة في صفوفها لمواسم متتالية، إلا للاعب مستواه فوق الوسط.

ويرى الخطيب أن “الأساس المعياري للتعاقد مع المحترفين في أنديتنا مجهول، فالتعاقد مع اللاعب لتجريبه بداية هو أساس معياري فاشل، لأن المحترف يمكن أن يقدم مستوى جيدًا في التمارين والوديات لأسباب مختلفة، ويفشل في الرسميات، والعكس بالعكس”.

الحل الأفضل لانتقاء لاعبين أجانب في الدوري السوري، بحسب الخطيب، “يكمن في تقييم الأندية لمستوى لاعبيها المحليين، ومستوى المسابقات السورية، والبحث عن لاعبين وجنسيات أعلى من ذلك المستوى برواتب مقبولة”.

وأوضح أن “عملية البحث هذه تتطلب من المدرب متابعة الدوري الذي ينشط فيه اللاعب المحترف، ومقارنة مستوى دوريه مع الدوري السوري، ومراقبة أدائه قياسًا بأداء لاعبي فريق المدرب، لتحديد مدى قابلية الأجنبي لتشكيل إضافة للنادي بناء على تلك المعطيات”.

الاستقرار العام في البلاد، باعتقاد غيفار الخطيب، سينعكس على واقع الرياضة والمنشآت والجماهيرية، وسيخلق توازنًا اقتصاديًا يتيح للأندية التعاقد مع محترفين بسوية عالية، وبعقود طويلة تمكنها من الاستفادة من بيع المحترف في حال تألقه، أسوة بما فعله نادي الكرامة سابقًا كمثال، مع محترفيه فابيو وسانغو.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق