الشتاء يقلص فرص العمل في رأس العين وتل أبيض

عنب بلدي 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

يواجه أهالي مدينتي رأس العين وتل أبيض شمالي سوريا ظروفًا صعبة مع دخول فصل الشتاء، وسط تراجع في القدرة الشرائية وارتفاع الأسعار، وتوقف كثير من الأعمال والمشاريع المحلية التي يعتمد عليها السكان كمصدر دخل لهم.

وتعتمد مدينتا رأس العين وتل أبيض بشكل رئيس على قطاع واحد هو الزراعة، ما يضيق مجالات العمل، ويحد من توفر وظائف متنوعة للسكان، كما أثر ضعف البنية التحتية والخدمات مع ضيق المساحة في قدرة المنطقة على استقطاب الاستثمارات، وأسهم كل ما سبق في ضعف القدرة الشرائية للسكان.

فرص عمل معدومة

مع دخول فصل الشتاء، تتوقف أهم الأعمال التي يعتمد عليها السكان في مدينتي تل أبيض ورأس العين في المياومة، أبرزها أعمال البناء، وتوصيل الطلبات عبر الدراجات النارية، والعمل على “البسطات”، بسبب برودة الطقس، إضافة إلى غياب أي معامل أو منشآت خاصة يمكنهم العمل بها.

لم يعمل عزوز الحمود من تل أبيض منذ تشرين الثاني الماضي سوى تسعة أيام في أعمال البناء، وذلك بسبب دخول فصل الشتاء وامتناع صاحب الورشة عن العمل في الطقس البارد، ما جعله محرومًا من أي دخل ثابت طوال الأسابيع الماضية.

وقال عزوز إن الديون تراكمت عليه لتصل إلى أربعة ملايين ليرة سورية، أي نحو 341 دولارًا، نتيجة غياب أي فرص عمل توفر له معيشة كافية له ولأطفاله الخمسة، مما زاد من شعوره بالضغط والقلق على مستقبل أسرته في ظل ظروف الشتاء الصعبة.

وأضاف أنه راجع المجلس المحلي والمنظمات الإنسانية بحثًا عن أي عمل أو وظيفة يمكنه القيام بها في تل أبيض، لكنه لم يجد أي فرصة، ما جعله يشعر بالعجز أمام الاحتياجات المتزايدة لعائلته.

وذكر أن الحل الوحيد بالنسبة له لتأمين مصاريف معيشة أطفاله وعائلته أصبح بيع قسم من أرضه، لسداد ديونه وتغطية تكاليف الشتاء، وهو خيار اضطر إليه رغم معاناته وخوفه من فقدانه التدريجي لممتلكاته.

ولا يختلف الوضع في رأس العين عن جارتها تل أبيض، إذ لم يجد عز الدين العمار من قرية المناجير جنوبي رأس العين أي عمل بعد انتهاء موسم جني القطن.

وقال عز الدين، إن الأعمال توقفت بشكل كامل منذ أكثر من شهرين، لا سيما في الزراعة التي تتجه الآن نحو موسم القمح الشتوي، والذي لا يتطلب أيادي عاملة كثيرة.

وأضاف أنه يعتمد في تأمين مصاريف المنزل على أخيه الموجود في فرنسا، مستدينًا منه نحو 700 يورو، ما يعادل حوالي 9.2 مليون ليرة سورية.

وبحسب عز الدين، فإنه في حال استمرار هذا الجمود في سوق العمل، سيضطر للسفر إلى لبنان لتأمين عمل وسداد ديون أخيه وتغطية احتياجات عائلته.

وتعد الليرة السورية العملة المتداولة في المدينتين لكن واقعها المضطرب أرهق الأهالي، أما العملة الثانية فهي الليرة التركية (غير متداولة بكثرة) بسبب متاخمة المدينة الحدود التركية، والثالثة هي الدولار الأمريكي.

بحاجة لدعم منظماتي وحكومي

تغيب عن مدينتي رأس العين وتل أبيض المنظمات الدولية والجمعيات الداعمة للعمال، التي عادة تنفذ برامج تشغيلية وتوفر فرص عمل للأهالي، ويزيد الوضع سوءًا غياب الدعم الحكومي عن المدينتين، مما يفاقم صعوبة تأمين مصدر رزق ثابت للسكان.

الناشطة في المجال الإنساني والمرأة في تل أبيض ابتسام حمادة، قالت لعنب بلدي، إن المدينة تعتمد بشكل أساسي على الزراعة والثروة الحيوانية، ما جعل فرص العمل محدودة بشكل كبير، خصوصًا في ظل تراجع الاستثمارات وغياب المشاريع التنموية.

وأوضحت أن المدينة بحاجة لمشاريع تنموية مستدامة، مثل دعم أصحاب الورشات وافتتاح محال ومصانع صغيرة، توفر فرص عمل للأهالي في المدينة والريف على حد سواء، مع التركيز على برامج تدريبية لتأهيل الشباب لمواكبة احتياجات السوق المحلي.

وبيّنت أن نحو 65 % من سكان تل أبيض بحاجة لفرص عمل، خصوصًا خلال فصل الشتاء.

وذكرت أن الحل يكمن في دعم المنظمات والجمعيات والقطاع الحكومي لشباب المدينة عبر توفير فرص عمل دائمة ودخل يضمن الحد الأدنى للمعيشة الكريمة، إلى جانب خلق بيئة اقتصادية مستقرة تشجع على الاستثمار المحلي وتحفز النمو المجتمعي.

بدورها، قالت انتصار دودة، مديرة الخدمات الاجتماعية في المجلس المحلي برأس العين، لعنب بلدي، إن المجلس عمل على إنشاء عدة برامج، منها تقديم الإعانات للعوائل الأشد تضررًا عبر سلال غذائية وقسائم مالية، أو من خلال توفير فرص عمل عبر البلدية والمراكز التي افتُتحت.

وأوضحت أن المديرية أطلقت برامج تدريبية، أبرزها افتتاح صالون للحلاقة لتدريب الشباب على إدارة محال خاصة بهم ودعمهم بالمعدات، بالإضافة إلى افتتاح مركز لتجهيز العرائس لتدريب الفتيات ودعمهن عبر إنشاء مراكز متخصصة.

وأضافت أن المديرية، عبر المجلس المحلي، توزع مبالغ مالية شهرية لذوي “الشهداء” وذوي الإعاقة الدائمة والأرامل والأيتام.

وأشارت إلى أن المديرية تخطط لتوسيع فرص العمل، عبر تدريب الشباب والفتيات وفتح مراكز جديدة، بالتعاون مع المنظمات والقطاع الحكومي، لضمان دخل مستقر وتحسين مستوى المعيشة.

وأدى غياب المنظمات الإغاثية والدعم الحكومي إلى انعكاس سلبي على سكان المدينتين، خاصة العائلات الفقيرة والمهجرة، نتيجة النقص الحاد في الدعم المقدم لهم وتحملهم مسؤولية تأمين مستلزمات العائلة كاملة.

هذا الواقع دفعهم للجوء إلى الجمعيات المحلية المحدودة، التي لا تعد قادرة بشكل كبير على تلبية احتياجات الشريحة الواسعة من ذوي الدخل المحدود والفقراء وذوي الإعاقة.

ويصل عدد السكان في رأس العين وتل أبيض إلى نحو 253,000 شخص، بينهم 12000 شخص من المهجرين، وفق إحصائية حصلت عليها عنب بلدي المجالس المحلية في المدينتين.

وتقع رأس العين وتل أبيض بمحاذاة الحدود التركية، وتخضعان لسيطرة الحكومة السورية، وتحيط بهما جبهات القتال مع “قوات سوريا الديمقراطية” (قسد)، وتعتبر الحدود التركية منفذهما الوحيد نحو الخارج.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق