مصدر ديبلوماسي في بيروت لـ «الأنباء»: باراك يمنح إسرائيل تفويضاً مفتوحاً ويضع لبنان أمام معادلة مستحيلة

بيروت ـ داود رمال

المواقف التي أدلى بها الموفد الأميركي توماس باراك حول لبنان والمنطقة، عكست مزيجا بين لغة التحذير والضغط من جهة، ومحاولة إظهار مقاربة سياسية واقعية من جهة أخرى.

فمنذ لحظة إعلانه أن «حزب الله يعيد بناء قوته»، بدا وكأنه يتبنى رؤية إسرائيلية ترى في بقاء الحزب على الخريطة العسكرية والسياسية تهديدا وجوديا يبرر استمرار التوتر، فيما كشف أن إسرائيل لن تنسحب من النقاط الخمس التي لاتزال تحتلها في جنوب لبنان، متجاوزا بذلك جوهر اتفاق وقف الأعمال العدائية الذي يفترض أن يضمن الانسحاب الكامل.

وبحسب مصدر ديبلوماسي في بيروت «فإن هذا الموقف يعيد التأكيد على أن الاتفاق يستخدم في مقاربة واشنطن كوسيلة ضغط أكثر منه مدخلا إلى الاستقرار».

وقال المصدر لـ «الأنباء»: «إشادة باراك بالحكومة اللبنانية واعتباره أنها مجموعة جيدة في السلطة، لم تخف الطابع الضاغط الذي تخلل حديثه حين اتهم لبنان بالاكتفاء بالكلام من دون الفعل، مطالبا إياه بإعلان نزع سلاح حزب الله. ورأى أن مثل هذا الطرح يضع الدولة أمام معادلة صعبة قد تفسر كتوريط لها في مواجهة داخلية غير محسوبة، في وقت يعاني فيه لبنان من انقسامات سياسية وأزمات اقتصادية خانقة».

وأضاف المصدر «أخطر ما ورد في كلام باراك كان تحذيره من أن رئيس وزراء الاحتلال الاسرائيلي بنيامين نتنياهو سيذهب إلى أي مكان ويفعل أي شيء إذا شعر أن إسرائيل مهددة . فهذا التوصيف يشكل تبريرا مسبقا لأي عملية عسكرية إسرائيلية جديدة، ويمنح تل أبيب هامشا واسعا للتحرك تحت شعار الدفاع عن النفس. والأهم أن باراك أعلن أن الولايات المتحدة لن تتدخل عسكريا في لبنان لمواجهة الحزب، ما يعني ترك الساحة مفتوحة أمام إسرائيل لفرض معادلاتها بالقوة، فيما يقتصر الدور الأميركي على تقديم التوجيهات والنصائح للحكومة اللبنانية».

وفيما يخص فلسطين، أوضح المصدر «أن كلام باراك حول الاعتراف بالدولة الفلسطينية باعتباره خطوة جيدة لكنها بلا جدوى، يعكس مقاربة تهمش الحقوق الفلسطينية وتحول النقاش حول حل الدولتين إلى شعار سياسي أكثر منه مسارا عمليا. أما قوله إن وقف إطلاق النار في غزة لن ينجح، ووجود خطة لدى الرئيس الاميركي دونالد ترامب بشأن غزة، فاعتبر مؤشرا إلى استمرار الرهان الأميركي على مشاريع أحادية قد تفرض وقائع جديدة على الأرض بعيدا من أي التزامات بقرارات الشرعية الدولية».

وأشار المصدر إلى أن «باراك ذهب أبعد في توصيفه لطبيعة الصراع حين قال إن السلام مجرد وهم، معتبرا أن المعارك لا تخاض على الحدود بقدر ما تدور حول الشرعية والسيطرة. هذا الطرح يعكس رؤية تعتبر التفاوض مجرد وسيلة لفرض إرادة الطرف الأقوى. وإذ شدد باراك على أن الازدهار الاقتصادي هو الحل الوحيد، فقد أعاد بذلك طرح معادلة تقوم على مقايضة الحقوق الوطنية بالوعود الاستثمارية، متجاهلا أن أي استقرار حقيقي يحتاج قبل كل شيء إلى عدالة سياسية وسيادة مكتملة».

وختم المصدر بالتأكيد «أن تصريحات باراك تؤكد استمرار اعتماد واشنطن على أدوات الضغط السياسي والعسكري في مقاربة الصراع العربي ـ الإسرائيلي، وتعاملها مع لبنان كمساحة اختبار لقدرة إسرائيل على فرض وقائع جديدة. أما حديثه عن وهم السلام والازدهار الاقتصادي، فهو غطاء لرؤية لا تحمل عناصر كافية لتحقيق الاستقرار، بل تضع لبنان أمام خيارات صعبة بين الانصياع لشروط الخارج أو مواجهة مفتوحة بلا أفق».

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى

السابق النائب فيصل الصايغ لـ «الأنباء»: الاعتراف بدولة فلسطين خطوة مهمة باتجاه السلام العادل والشامل
التالى عون التقى في نيويورك أمين عام الأمم المتحدة ورئيس قبرص ورئيسي وزراء إسبانيا وهولندا