- «المركزي المصري» يخفض الفائدة 525 نقطة أساس منذ بداية العام مع توقع خفض إضافي
- القطاع المصرفي المصري يشهد وفرة في السيولة الدولارية بفضل تدفقات المحافظ الاستثمارية
ذكر تقرير بنك الكويت الوطني ان الاقتصاد المصري يواصل التحسن بخطى ثابتة، إذ سجل نمو الناتج المحلي الإجمالي في الربع الثاني من عام 2025 أعلى مستوى له خلال أكثر من ثلاثة أعوام ليصل إلى 5%، على أساس سنوي، وذلك في ظل بقاء التضخم عند مستوى مرتفع رغم تباطئه في الفترة الأخيرة وتشديد ظروف التمويل والتوترات الجيوسياسية الإقليمية، وساهم اعتدال التضخم في توفير مساحة للبنك المركزي المصري لخفض أسعار الفائدة بمقدار 525 نقطة أساس منذ بداية العام الحالي، مع توقع مواصلة خفضها بنحو 300 نقطة أساس بنهاية العام.
وقال التقرير انه من المقرر أن تصل بعثة صندوق النقد الدولي إلى القاهرة في أكتوبر القادم لإجراء المراجعتين الخامسة والسادسة معا ضمن برنامج تسهيل الصندوق الممدد لدعم مصر والبالغة قيمته 8 مليارات دولار والمستمر حتى أواخر 2026. ويواصل البرنامج التركيز على الحفاظ على مرونة سعر الصرف وخفض التضخم لمستويات مقبولة وتقليص عجز المالية العامة وتكاليف خدمة الدين العام، مع إتاحة المجال لنمو القطاع الخاص. وحتى الآن تلقت مصر نحو 3.2 مليارات دولار ضمن البرنامج، ومن المتوقع أن تحصل على دفعة إضافية بقيمة 2.5 مليار دولار بعد انتهاء المراجعات. ومن شأن هذه التدفقات تعزيز الثقة في وضع التمويل الخارجي في ظل استمرار عجز الحساب الجاري والتزامات سداد الديون. كما ارتفع الجنيه المصري بالفعل بنسبة 5% هذا العام مقابل الدولار الذي شهد تراجعا نسبيا بصفة عامة.
وحول أحدث التطورات، أشار تقرير «الوطني» إلى أن الناتج المحلي الإجمالي نما بنسبة 4.4% في السنة المالية 2024/2025 متجاوزا المستوى المستهدف للحكومة البالغ 4.2%، مرتفعا بشكل ملحوظ عن نسبة 2.4% المسجلة في السنة المالية 2023/2024، بحسب وزارة المالية. وتشير التقديرات الأولية للربع الثاني من عام 2025 إلى تسارع وتيرة النمو لتصل إلى 5% على أساس سنوي، لتسجل أعلى نسبة نمو منذ الربع الأول من عام 2022. وعلى الرغم من أن الاستهلاك لايزال المحرك الرئيسي للنمو، إلا أن الاستثمار الخاص عاد مجددا إلى المنطقة الإيجابية بعد عامين من الانكماش. وعلى الصعيد القطاعي، كان النمو مدفوعا بقطاع التصنيع، يليه الوساطة المالية، والسياحة، والزراعة، وقطاعي الجملة والتجزئة.
بين التقرير أن وتيرة التضخم تباطأت للشهر الثالث على التوالي في أغسطس، رغم بقاء التضخم الأساسي عند مستوى مرتفع. انخفض معدل التضخم إلى 12%، على أساس سنوي، (0.4%، على أساس شهري) مقابل 13.9% في يوليو، مسجلا أدنى مستوياته منذ ما يقارب نحو ثلاثة أعوام، على خلفية تراجع أسعار الغذاء والنقل والترفيه، إذ شهدت الفئتان الأخيرتان أول انكماش شهري لهما منذ سنوات. في المقابل، تباطأ معدل التضخم الأساسي، الذي يستثني البنود المتقلبة والخاضعة للرقابة الحكومية، إلى 10.7% على أساس سنوي مقابل 11.6% في يوليو، إلا أن معدلا آخر للتضخم (تضخم الخدمات الأساسية)، والذي يستثني أسعار المواد الغذائية والطاقة والإسكان، مازال يتخطى 20%، على أساس سنوي، مما يشير الى استمرار الضغوط السعرية في قطاع الخدمات ويثير المخاوف قبيل تطبيق خطة خفض دعم الوقود. ويعكس تباطؤ التضخم توافقا تاما مع خفض أسعار الفائدة بمقدار 200 نقطة أساس في نفس الشهر، ليبقى بذلك معدل الفائدة الحقيقي عند 11%، والذي يعد من بين الأعلى في العالم.
ونوه إلى أن سعر صرف الجنيه المصري ارتفع نتيجة التدفقات القوية للمحافظ الاستثمارية، خاصة لأذونات الخزانة قصيرة الأجل، بقيمة صافية قدرها 6.6 مليارات دولار (في الفترة من مايو حتى أغسطس). وسجل شهر أغسطس الشهر الرابع على التوالي من التدفقات الداخلة الصافية، ليصل الجنيه المصري أمام الدولار الأميركي إلى 48 جنيها، وساهم في تعزيز هذا الارتفاع ضعف الدولار الأميركي، وإن لم يتناسب مع نفس درجة الضعف، إذ تراجع الدولار بنسبة 10.5% منذ بداية العام الحالي مقابل العملات الرئيسية الأخرى، وبنسبة 7.2% مقابل عملات الأسواق الناشئة، في حين ارتفع الجنيه المصري بنسبة 5.6% فقط خلال نفس الفترة. ونتيجة لذلك، يشهد القطاع المصرفي وفرة ملحوظة في السيولة بالعملات الأجنبية.
وقال ان حوالات العاملين المصريين في الخارج وإيرادات السياحة ارتفعت لمستويات قياسية خلال السنة المالية 2024/2025. وارتفعت حوالات المصريين العاملين في الخارج بنسبة 66%، على أساس سنوي، لتصل إلى أعلى مستوياتها التاريخية عند 36.5 مليار دولار، إذ سجل شهر يونيو وحده 3.6 مليارات دولار (بزيادة 41%، على أساس سنوي) – وهو أعلى معدل شهري يتم تسجيله في مصر على الإطلاق، ويعتبر أثر سنة الأساس أحد أهم العوامل التي ساهمت في ارتفاع نسبة النمو في حوالات العاملين من الخارج والعودة لنفس المستويات المعتادة لها فوق حاجز 30 مليار دولار. وفي قطاع السياحة، شهدت مصر زيادة بنسبة 23% على أساس سنوي في أعداد السياح الوافدين خلال الأشهر الثمانية الأولى من عام 2025، مع توقع بلوغ معدل النمو السنوي نحو 20% للعام كاملا. كما تجاوز معدل إشغال الفنادق نسبة 80% في المتوسط للمناطق السياحية الرئيسية على مستوى البلاد. وتعتبر كل من حوالات المصريين العاملين في الخارج والإيرادات السياحية مصدرين رئيسيين لتدفقات العملات الأجنبية لمصر، والتي تسهم بشكل فعال في تخفيف العجز التجاري وتعزيز العملة الأجنبية في القطاع المالي.
وبعد أن تجاوز نمو الناتج المحلي الإجمالي التوقعات في السنة المالية 2024/2025، تم رفع توقعاتنا للسنة المالية 2025/2026 من 4.2% إلى 4.7%، ومن المتوقع أن يكون النمو مدفوعا بصفة رئيسية بالاستهلاك، بدعم من تحسن القوة الشرائية، إضافة لارتفاع الاستثمار الخاص للعام الثاني على التوالي، بفضل انخفاض تكاليف الاقتراض نظرا لاستمرار التيسير النقدي. كما أن الانخفاض المتوقع في تكاليف الاقتراض، إلى جانب الاتجاه الهبوطي للتضخم وارتفاع الإنفاق الاجتماعي وتسارع وتيرة نمو الأجور في القطاعين العام والخاص، سيعمل على دعم النمو الاقتصادي على المدى المتوسط. ومن المتوقع أيضا أن يبقى تدفق حوالات المصريين العاملين في الخارج قوية، مما يدعم الطلب الاستهلاكي، فيما يتوقع استمرار تعافي تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر، لاسيما بعد الإجراءات الأخيرة لمعالجة اختلالات سوق صرف العملات الأجنبية.
8 مليارات دولار صافي الأصول الأجنبية لدى البنوك المصرية
أشار تقرير«الوطني» إلى ان صافي الأصول الأجنبية في البنوك المصرية وصل إلى 8 مليار دولار في يوليو، بارتفاع نسبته 64%، على أساس شهري، ليصل إلى أعلى مستوى منذ نوفمبر 2014. فيما ارتفع صافي الأصول الأجنبية للنظام المصرفي، بما في ذلك البنك المركزي، بنسبة 24% على أساس شهري ليصل إلى 18.5 مليار دولار بنهاية يوليو، مسجلا أفضل قراءة منذ فبراير 2021. وعلى الرغم من أن المصدر الرئيسي لتلك الزيادة يكمن في التدفقات الناجمة عن عمليات تجارة المناقلة، إلا أن المصادر الأخرى، كحوالات العاملين في الخارج والإيرادات السياحية، من المتوقع ان تقدم أيضا بعض الدعم لتعويض المخاطر المحتملة الناجمة عن التدفقات الخارجة مستقبلا. وتعمل هذه الأصول الأجنبية في النظام المصرفي كخط دفاع أول أثناء فترات الاضطرابات، بما يفسح المجال أمام البنك المركزي للحفاظ على مستويات مستقرة من الاحتياطيات الرسمية من العملات الأجنبية.
مراجعة صندوق النقد في أكتوبر المقبل
بين التقرير أن الحكومة المصرية اتخذت خطوات ملموسة نحو الوفاء بالتزاماتها في إطار برنامج صندوق النقد الدولي، إلا أن وتيرة التقدم كانت متباينة. وكانت إحدى نقاط الخلاف الرئيسية التأخر في وتيرة الإصلاحات الهيكلية، لاسيما خصخصة الشركات المملوكة للدولة والشركات التابعة للجيش. وكان من المقرر أن يختتم برنامج الخصخصة، الذي أطلق في مارس 2023 بهدف بيع حصص في 40 كيانا عبر 18 قطاعا، بحلول مارس 2024. إلا ان الجدول الزمني تم تأجيله عدة مرات، مع تفسيرات تتراوح بين المخاوف بشأن انخفاض التقييم الخاص بالأصول إلى عقبات تتعلق بإجراءات الفحص والتدقيق اللازمة. إضافة لذلك، طلبت السلطات تأجيل بعض تدابير ضبط أوضاع المالية العامة لتخفيف الضغوط الاجتماعية. ودفعت هذه التأخيرات صندوق النقد الدولي إلى دمج المراجعتين الخامسة والسادسة للبرنامج في مراجعة واحدة مقررة في أكتوبر2025.