مع اقتراب مهلة اتفاق 10 آذار، في نهاية العام الحالي، تباينت تصريحات كل من طرفي الاتفاق، الحكومة السورية و”قوات سوريا الديمقراطية” (قسد)، بشأن وجود خطوات فعلية لتنفيذ بنود الاتفاق التي أهمها الدمج العسكري والأمني.
مصادر في “قسد” قالت لقناة “العربية الحدث” السعودية، الخميس 25 من كانون الأول، إن هناك “نقاط تلاقي” مع دمشق في مجمل الملفات، مشيرة إلى توافق الطرفين على مبدأ دمج قواتها ضمن الجيش السوري، وعدم السعي إلى الانفصال عن سوريا.
وأعلنت “قسد” أن قائدها العام مظلوم عبدي، يعتزم زيارة دمشق قبل نهاية العام، وأن نقاشات جرت مع الحكومة السورية حول الحكم اللامركزي وإدارة السكان لمناطقهم بأنفسهم.
مصدر في وزارة الإعلام، تحفظ على نشر اسمه لأنه غير مخول بالتصريح لوسائل الإعلام، قال لعنب بلدي، إن الاتصالات واللقاءات مع “قسد” متوقفة حاليًا، وإن الحكومة السورية تقوم بدراسة الرد الذي قدمته “قسد” حول آلية الدمج، بانتظار بعض المسائل المرتبطة بالملف، وكشف لعنب بلدي أن هناك احتمالًا لعقد اجتماع مرتقب بين دمشق و”قسد”، لكن النقاش خلال هذا الاجتماع سيكون حول المقترح السوري أولًا وليس حول مقترح “قسد”.
معاون وزير الإعلام في الحكومة السورية، عبادة كوجان، نفى عبر صفحته في “فيسبوك” الخميس 25 من كانون الأول، صحة ما تداوله عدد من وسائل الإعلام عن اتفاق وشيك مع “قسد”، واصفًا تلك التقارير بـ”غير الدقيقة”، ومؤكدًا أن الاتصالات بين الجانبين “متوقفة حاليًا”.
وقال كوجان إن الأرقام والمواعيد التي يتم تداولها حول اقتراب الاتفاق “أقرب إلى الرغبات والتمنيات”، داعيًا وسائل الإعلام إلى الامتناع عن نشر ما وصفه بالمعلومات “الخاطئة والمضللة”.
بدوره، قال القائد العام لـ”قسد”، مظلوم عبدي، خلال لقاء الهيئة الاستشارية لدعم لجنة التفاوض في مدينة الطبقة عبر تقنية الاتصال المرئي (زوم)، إن الهدف من الاتفاقية الموقعة مع دمشق هو حل المشكلات السورية عبر الحوار السلمي، وبما يضمن وحدة الأراضي السورية، مشددًا على التزام “قسد” ببنود الاتفاق، وأن الحوار مع دمشق “لم يتوقف، بشكل مباشر أو غير مباشر”، رغم ما وصفه بخروقات تحدث أحيانًا.
وقال عبدي إن الأشهر الماضية شهدت تطورات ملحوظة في مسار الحوار مقارنة بشهر آذار، معربًا عن تفاؤله بإمكانية إحراز تقدم في الفترة المقبلة، ولا سيما في ملفات الدمج الأمني والعسكري، والمعابر الحدودية، والثروات الباطنية، التي اعتبرها “ملكًا للشعب السوري ويجب توزيعها بشكل عادل”.
وأضاف عبدي أن اجتماعات جديدة ستُعقد مع دمشق، على أن يتم الإعلان المشترك عن أي اتفاق يتم التوصل إليه.
وفي ردّه على تساؤلات حول انتهاء الاتفاقية مع نهاية العام، نفى عبدي وجود أي سقف زمني لها، مؤكدًا أن وقف إطلاق النار غير مرتبط بنهاية العام، وأن خيار العودة إلى الحلول العسكرية “غير مطروح”، محذرًا من أن فشل المفاوضات سيُلحق الضرر بجميع السوريين.
وفي السياق السياسي، جدد عبدي طرح اللامركزية كخيار لإدارة الدولة، وتقاسم الصلاحيات بين المركز والمناطق، إلى حين التوصل إلى حل دستوري شامل في إطار المرحلة الانتقالية.
وتأتي هذه التصريحات بعد أيام من سلسلة اشتباكات وقصف متبادل بين “قوى الأمن الداخلي” (أسايش) التابعة لـ“قسد” والجيش السوري في محيط حيي الشيخ مقصود والأشرفية، ودواري الليرمون وشحيان شمالي المدينة.
ما الاتفاق؟
بدأت المفاوضات العلنية بين الجانبين منذ إعلان الرئيس السوري في المرحلة الانتقالية، أحمد الشرع، توقيعه اتفاقًا مع قائد “قسد”، مظلوم عبدي، في 10 من آذار الماضي.
نصّ الاتفاق على ثمانية بنود، تمثّل أهمها بدمج الهياكل المدنية والعسكرية التابعة لـ”قسد” مع مؤسسات الدولة.
واتفق الجانبان على وضع لجان تنفيذية تعمل على تطبيق الاتفاق بما لا يتجاوز نهاية العام الحالي.
سرى اتفاق آخر في مدينة حلب بين الحكومة و”قسد”، بداية نيسان الماضي، واعتبره باحثون قابلتهم عنب بلدي في وقت سابق “بالون اختبار” للاتفاق العام، الذي جرى بين الشرع وعبدي.
الاتفاق جاء بـ14 بندًا، تضمن خروج قوات “قسد” العسكرية وبقاء “قوى الأمن الداخلي” (أسايش) تمهيدًا لدمجهم ضمن صفوف وزارة الداخلية السورية.
وحمل الاتفاق بنودًا أخرى، تتعلق بتبادل الأسرى بين الطرفين، وصولًا إلى تبييض السجون.
وأكدت “رئاسة الجمهورية العربية السورية” أن الاتفاق كان خطوة بناءة إذا ما نُفّذ بروح وطنية جامعة، بعيدًا عن المشاريع الخاصة أو الإقصائية، في 27 من نيسان الماضي.
ورفضت “رئاسة الجمهورية” أي محاولات لفرض واقع تقسيمي أو إنشاء كيانات منفصلة تحت مسميات الفيدرالية أو “الإدارة الذاتية” دون توافق وطني شامل.
ووفق بيانها حينها، فإنه لا يمكن لقيادة “قسد” أن تستأثر بالقرار في منطقة شمال شرقي سوريا، حيث تتعايش مكونات أصلية كالعرب والكرد والمسيحيين وغيرهم، فمصادرة قرار أي مكون واحتكار تمثيله أمر مرفوض، فلا استقرار ولا مستقبل دون شراكة حقيقية وتمثيل عادل لجميع الأطراف.
“رئاسة الجمهورية” أكدت أيضًا أن حقوق الكرد كحقوق كل مكونات الشعب السوري مصونة ومحفوظة في إطار الدولة السورية الواحدة على قاعدة المواطنة الكاملة والمساواة أمام القانون دون الحاجة لأي تدخل خارجي أو وصاية أجنبية.



0 تعليق