نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
التربية الخاصة في قلب اليوم الوطني السعودي 95 - تحديات ومنجزات, اليوم الاثنين 22 سبتمبر 2025 07:50 مساءً
(في يوم الوطن الخامس والتسعين، تتجدد مشاعر الانتماء والاعتزاز بمسيرة وطن لا يترك أحدا على الهامش. ومع احتفاء المملكة بإنجازاتها، يبقى حضور فئات التربية الخاصة شاهدا على شمولية التنمية وعمق الرؤية. إنها لحظة نستلهم فيها أن التعليم حق للجميع، وأن قوة الوطن في احتضانه لأبنائه جميعا بقدراتهم المختلفة).
في الثالث والعشرين من سبتمبر تحتفل المملكة العربية السعودية بيومها الوطني الخامس والتسعين. مناسبة تستدعي الجذور وتستحضر الرؤية. اليوم، ومع تسارع برامج التحول الوطني ورؤية السعودية 2030، تبرز التربية الخاصة كجزء أصيل من مشروع بناء الإنسان. التعليم الشامل ليس خدمة اجتماعية فحسب، بل هو استثمار في رأس المال البشري. حين تهيأ المدارس ببرامج دمج متكاملة، وتجهز الجامعات بخطط لاستيعاب الطلاب ذوي الإعاقات والموهوبين، فإن الوطن يضمن أن كل فرد يسهم في التنمية. المرحلة المقبلة تحتاج إلى شراكات أوسع بين وزارة التعليم والقطاع الخاص والجمعيات المتخصصة لتطوير حلول تقنية وممارسات تعليمية حديثة. كما أن إشراك الأسر في صياغة الخطط التعليمية الفردية يعد عنصرا حاسما، إذ يربط المدرسة بالبيت ويجعل العملية التعليمية أكثر تكاملا. المطلوب أن تتحول هذه المبادرات من تجارب متفرقة إلى سياسات مؤسسية راسخة تعزز العدالة وتفتح الأفق أمام جيل قادر على الإبداع والإسهام في سوق العمل.
وللتذكير، فإن خدمات التربية الخاصة في المملكة ليست وليدة اليوم، بل بدأت قبل أكثر من خمسة عقود مع تأسيس معاهد متخصصة للمكفوفين والصم. ثم توسعت تدريجيا لتدخل مدارس التعليم العام عبر برامج الدمج، ورافقتها سياسات وإجراءات لإعداد المعلمين من خلال برامج جامعية متخصصة. ومع مرور السنوات تطورت هذه الجهود لتصل اليوم إلى مرحلة متقدمة تسعى نحو نماذج دعم داخل المدارس تضمن جودة التعليم ومشاركة أوسع لجميع الفئات.
ومن هذا المنطلق تأتي أهمية قراءة الواقع بالأرقام الموثوقة قبل مناقشة التحديات.
بحسب نشرة إحصاءات الإعاقة لعام 2023 الصادرة عن الهيئة العامة للإحصاء، يشكل الأشخاص ذوو الإعاقة والصعوبات نحو 5.9% من السكان، أي قرابة 1,349,585 شخصا. وتتنوع الأنماط بين الحركية 304,787، والبصرية 181,728، والسمعية 84,025، وصعوبات التواصل 196,611، والعناية الذاتية 157,977، والتذكر 130,820. هذه الأرقام ليست بيانات صامتة. خلف كل رقم طالب ينتظر فرصة، ومعلم يبحث عن أداة أدق، وأسرة تطمح لتعليم منصف.
في الصف يجلس الطالب الكفيف إلى جوار زميله المبصر في بيئة تعليمية مشتركة. هذا مشهد مبشر، لكنه لا يكفي وحده. الدمج يحتاج بيئة داعمة، ومعلمين مؤهلين، وتقنيات مساعدة. في الساحة يشارك الطالب ذو الإعاقة الحركية في الأنشطة عندما تكون الممرات مهيأة. في قاعة الموهوبين يمنح الطالب مساحة ليعرض فكرة مبتكرة قد تفتح له بابا إلى تقنية أو صناعة. هذه المشاهد خطوات مهمة، لكنها تحتاج دعما أكبر واستمرارا.
ورغم التوسع في برامج التربية الخاصة ما زالت التحديات واضحة، من أبرزها:
- نقص تدريب المعلمين العامين على إدارة التنوع داخل الصفوف.
- ضعف تأهيل المباني والمرافق لتلائم الاحتياجات المختلفة.
- صعوبة تطبيق الخطط التعليمية الفردية لعدد من الفئات مثل متلازمة داون.
- محدودية الموارد البشرية والمادية لتوفير الأدوات والتقنيات المساندة.
وتبرز حاجة ماسة لرفع وعي المجتمع بدور التربية الخاصة. المعلم حجر الزاوية، ويحتاج إلى تدريب متخصص في الاستراتيجيات الملائمة، ومهارات التواصل، وأساليب تقييم تراعي الفروق الفردية. كما أن التقنية ضرورة أساسية. الطالب الكفيف يحتاج برامج قارئة للشاشة باللغة العربية. والطالب ذو صعوبات التواصل يحتاج تطبيقات ذكية تساعده على التعبير. هذه أولوية تعليمية أصيلة وليست رفاهية.
في ذكرى اليوم الوطني الخامس والتسعين لا يكفي أن نحتفي بالمنجزات. الواجب أن نوسع دائرتها لتشمل كل ابن وابنة من أبناء الوطن. التعليم الشامل التزام وطني راسخ يضمن ألا يُترك أحد على الهامش. حين يحصل كل طالب، مهما كانت قدراته، على فرص متكافئة نزداد فخرا بطبيعتنا وبوطن يتسع للجميع. ومع كل جهد يبذل لأجل أبنائنا من ذوي الإعاقات والموهوبين، نصنع لوحة وطنية أكثر ثراء وإنسانية. إننا نسير بخطى ثابتة نحو تعليم يتسع للجميع، ومجتمع يتزين بتاج شمولية التنمية، ووطن «فخرنا في طبيعتنا»، حيث الأصالة والتجديد والإنسان يلتقون في مشهد واحد، في يومنا الوطني، وفي كل يوم.